الثلاثاء، 26 مارس 2013

تغريدات متعب العمري عن كتاب "عصر الإسلاميين الجدد"


بعد قليل سأكتب تغريدات طويلة بعض الشيء حول كتاب الإسلاميون الجدد للدكتور وليد الهويريني

كانت جولتي في كتاب "عصر الإسلاميون الجدد" مفيدة في التعرف على نمط البحث والكتابة عند بعض مثقفي الإسلاميين أمثال د. وليد الهويريني

وسواء يتفق القاريء مع المحتوى أو يختلف فلا شك أن جهدا بحثيا وفكريا بذل في إعداد الكتاب حتى ظهر بشكله الذي ظهر فيه

وعلى كل حال أتمنى أن يسمح لي المؤلف بشيء من القسوة في مراجعة الكتاب وأن يقبل مني بأني أنقد بشكل موضوعي رغم هذه القسوة

رسالة الكتاب كما فهمتها من ثلاث أجزاء الأول والثاني وصف لما خططت له أمريكا و الثالث توجيه للإسلاميين بالطريقة التي يتعاملون فيها مع التحديات

ملخص الجزءالأول تخطيط أمريكا لإزالة المستبدين واستبدالهم بأنظمةديموقراطية لأنهم أصبحوا عبئا عليها وبقائهم يدفع الشعوب لعداوة أمريكا والإرهاب

ملخص الجزء الثاني أن أمريكا تعلم أن الديموقراطية لن تأتي إلا بإسلاميين فاستعدت بصناعة تيارات بإسلام مرن يقبل بمرجعية علمانية وهيمنة غربية

ملخص الجزء الثالث استعراض للتحديات التي ستقابل الإسلاميين في معاركهم السياسية بعد الثورات وطرح مجموعة مباديء لضبط المشروع السياسي الإسلامي

قبل قراءة الكتاب قرأت عرضا له من قبل أ. السكران وظننت العرض مخلا بالمحتوى لكن بدا لي بعد قراءة الكتاب أن العرض أمين ويكاد يغني عن قرائته

ولمن لم يطلع على تلخيص الأستاذ السكران هذا رابط التلخيص

ورغم جمال الأسلوب وظاهرية الترتيب فإن القاريء يصطدم ببعثرة ذهنية تلزمه كثيرا من الأحيان بأن يكرر العودة للوراء حتى يستجمع الفكرة

ويخرج القاريء باستنتاج سريع أن كثيرا من الأفكار أسهب فيها المؤلف بلا داع ولهذا تأكدت أن من يقرأ ملخص أ. السكران ربما يكفيه عن الكتاب

حاول المؤلف في الجزء الأول أن يكون محايدا تجاه نظرية المؤامرة لكن زخم الكتابة مشحون باثبات المؤامرة سواء بحشد النقولات أو بالتصريح بتبنيها

وبعد أن ساق كل ما يعتبره أدلة على أن الربيع العربي مشروع أمريكي بامتياز في خمسين صفحة تقريبا حاول المؤلف أن يكون موضوعيا في نصف صفحة

ولعل مما ينبغي الإشارة إليه أعتماد المؤلف على تحليل للدكتور النفيسي يربط فيه بين تصريح لكونداليزا رايس عام 2005 وثورات الربيع العربي

و على هذا التحليل للنفيسي بنى المؤلف تقريبا نظرية المؤامرة في كتابه وسمى السكران مقاله!

وعادة النفيسي أنه يبني تحليلات إستراتيجية كبيرة على تصريحات من هذا القبيل ولنأخذ مثال

كما فعل بتصريح بول بريمر حين قال : أن للشيعة عنوان وهو النجف بينما السنة ليس لهم عنوان!

يرى النفيسي أن عدم وجودعنوان دليل ضعف ونقص عند السنة مع أن فكرة عدم جود عنوان قالها بريمر لأنه لم يجد من يتأمر معه ويتحكم من خلاله بالناس

ثم بعد ذلك يعمم هذا الكلام على المنطقة كلها! ومن قال لك يا د. النفيسي ان ليس للسنة عنوان خارج العراق؟

ومن يتابع النفيسي يعرف أن تحليله يقوم على هذا التضخيم والمبالغة في تناول مثل هذه التصريحات وتحميلها ما لا تحتمل

كلام كونداليزا رايس ينبغي ان يؤخذ في سياقه المناسب، أمريكا خرجت من حربين أسقطت فيها نظامي طالبان وصدام

وللأسف أن القذافي كان "أشطر" من النفيسي والهويريني والسكران وفهم المراد من هذا التصريح وغيره فبادر إلى تقديم فروض الطاعة لأمريكا

وهاهي كونداليزا رايس بنفسها تزور ليبيا وتفتح صفحة جديدة مع القذافي عدو الأمس وحليف اللحظة

تصريحات المسؤولين الأمريكيين حول دعم الديمقراطية ومواجهة المستبدين ليست جديدة وأرشيف التصريحات زاخر بالكثير منها

أمريكا تفضل الأنظمة المطيعة لها مهما كان ملفها في حقوق الإنسان سيء ولو أرادت نشر الديمقراطية ولو شكليا لنشرتها من خلال هذه الأنظمة

فلماذاتجازف أمريكا من خلال"بتثوير"الشعوب ضدأنظمة تقدم لها خدمات جليلة كالتي قدمها مبارك لاسرائيل وكالتي يقدمها بن علي ب"تجفيف منابع الإرهاب"

والجزء الثاني لا يقل عن الأول في تأكيد المؤامرة الغربية في صناعة وتبني الشخصيات التيارات الإسلامية القابلة للذوبان في المشروع الغربي

ويحشد المؤلف نقولات تم التقديم لها والاستنتاج منها بطريقة توصل القاريء لاستنتاج هو: الاسلاميون الجدد صناعة غربية هيئت للاستلام بعد المستبدين

وفي هذا الجزء تظهر الخصومة الفكرية للمؤلف مع " التيار التنويري"

واختزاله للمشهد بوجود تيارين ( تنويري وأصيل ) فقط وإشارة للتيار الجهادي أضعفت في موضوعية التحليل الذي قدمه وشموليته للمشهد كاملا

في الجزء الثالث يجزم المؤلف بأن مراد أمريكا سيحصل وأن المستقبل سيكون بيد التيارات التي هيأتها أمريكا وبذلك يسوق خطابه لها ويحلل مستقبلها

في مناقشته للدور الغربي في الربيع العربي لم يتحمس المؤلف للحقائق المتواترة في تشبث الغرب بالمستبدين العرب بقدر حماسه لنقولات المؤامراتيين

جمع المؤلف نقولات متناثرة بشكل متكلف حتى تعطي صورة متكاملة عن خطة غربية للخلاص من المستبدين وركبها في فسيفساء قد حشرت أجزائها قسرا

وبنفس الطريقة جمع المؤلف نقولات تدل -حسب رأيه- على تهيئة أمريكا الإسلاميين (التنويريين) للسلطة بعد انتشار الديموقراطية

والحقيقة البسيطة هي أن الغرب لم يرغب في سقوط أي طاغية وخصوصا مبارك، والغرب يعلم أن اختيار الشعوب يعني معاداته وإزالة إسرائيل

والحقيقة الثانية أن الغرب تفاجأ بالربيع العربي وتصرف بارتباك ولا يزال يسعى بالتعاون مع المستبدين الباقين لإفشال الثورات وإعادة الطغاة

ومن الملاحظات التفصيلية على المؤلف أنه يكثر من الاعتماد على مصادر ثانوية في إحالاته ويفترض دقة النقل دون التحقق من المصدر الأصلي

ومن الأمثلة قوله أن مجلة "اكسيكيوتف انتلجنس" تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية اعتمادا على مصدر عربي وهي لا تمت بصلة لأي جهة رسمية أمريكية

مجلة "اكسيكيوتف انتلجنس" من إصدار أقلية يسارية في أمريكا معروفة بتبني نظرية المؤامرة يقودها شخص غريب الأطوار يدعى لندل لروش

وحتى يؤكد مصداقية كاتب معين استخدم مقولاته يبالغ المؤلف في تعظيم شأنه من خلال أن الرئيس الأمريكي تعشى معه أو شوهد يحمل مقالة كتبها الخ

وعلى كل حال يخرج القاريء بأن المؤلف رغم محاولته تقمص الموضوعية مسكون بالقدرة الأمريكية على معرفة الغيب بل وصناعته

بقي أن أقول إن المؤلف وُفق في كثير من المباديء التي طرحها لتعامل التيارات الإسلامية مع التحديات رغم أسلوبه الأستاذي الذي قد ينفر البعض

بعد هذه المراجعة أعترف أن نظرتي لطريقة تفكيرالأستاذ الهويريني تغيرت فقد كنت انتظر له مستقبلا فكريا زاهرا حينما رصدت انطلاقته الأولى

وإن كان يريد رأيي فعليه بالدقة في البحث والإحالة والعدل والشمول في التحري والابتعاد عن نظرية المؤأمرة والمبالغة في تقييم دور أمريكا والغرب