الأحد، 7 يوليو 2013

د.سعد الفقيه (عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)

عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
الفائدة الأولى: تصفية الراية بعد مواجهة في الهوية والانتماء
المواجهة الحاصلة الآن سبق أن استشرفناها كما جاء في روابط التغريدات السابقة وحصلت الآن بنفس الحجم ونفس العمق الذي توقعناه. وسبب قطعنا بحصولها إدراكنا وجود قوتين لا يمكن أن تقبل إحداهما بهيمنة الأخرى
القوة الأولى تيارات تؤمن بالمرجعية الإسلامية والهوية الدينية أثبتت قوتها باتكائها على رصيد شعبي هائل يمثله الوجدان المصري الذي عاد لانتمائه الاسلامي بعد أن أزاحت الثورة الحواجز المصطنعة بينه وبين هويته وانتمائه. لكن هذه التيارات محرومة في هذه المرحلة من الإعلام والمال والقوى الأمنية والعسكرية
القوة الثانية تيارات لا تقبل الهوية الدينية ولا المرجعية الإسلامية وهي خليط من العلمانيين والليبراليين واليساريين وجدوا أنفسهم في خندق واحد مع فلول النظام السابق وعملاء إٍسرائيل. ورغم أن هذه التيارات ليس لها امتداد شعبي لكن لديها الدعم المالي (الخليجي) والدعم الإعلامي والقضائي والأمني والعسكري من بقايا نظام مبارك.  
ومهما تلطفت التيارات الإسلامية فلن تستطيع أن تنفي بنيوية الدعوة إلى الهيمنة في الإسلام بالنصوص القطعية الصريحة وفي أصل التربية الإسلامية، ومهما تلطفت التيارات العلمانية والليبرالية فلن تنفي بنيوية مبدأ الفوقية على كل الأديان خاصة وأن "النظام العالمي" معها.
وبذلك فإن وجود تيار متسلح بوجدان الشعب وروحه الإسلامية المتدفقة مقابل تيار متسلح بالمال والإعلام والقوة العسكرية والأمنية والنظام العالمي يعني أن المواجهة يستحيل تفاديها.
ونحن في الحركة لا نستغرب إقدام التيارات المعارضة للوجدان الشعبي على استخدام الجيش والإعلام والقضاء والدعم الخارجي ولا نستغرب مبادرتهم بقمع الإسلاميين وإغلاق القنوات لأن الهيمنة العلمانية تقتضي إسكات الصوت الإسلامي اذا كان خطرا.
هذا الصدام رغم ما فيه من ثمن فإنه ضروري لتصفية الثورة وتنقية الهوية والتحام نتيجة الثورة مع وجدان الشعب ومراد الأمة الحقيقي.
أما نحن في بلاد الحرمين فقد تفادينا صدام الهوية منذ انطلاق المشروع الإصلاحي وذلك بمبادرة التيارات الإسلامية بحمل راية الإصلاح واضطرار التيارات العلمانية أن تحالف النظام مبكرا. وحتى لو حصلت مواجهات فلن تكون لأسباب الهوية والانتماء والحمد لله
الفائدة الثانية: حتمية الضبابية بعد الثورات الشعبية التي بدون قيادة
الثورات الشعبية التي تتحرك تلقائيا ولا يقودها رمز محدد ولا تنطلق ببرنامج واضح سوى إسقاط الطاغية لا مفر من أن تمر بمرحلة من الضبابية والاضطراب وتتابع المواجهة .
والثورة المصرية تكررت فيها المواجهة عدة مرات بدرجة غير كافية لحسم الاضطراب والضبابية، ولا بد من مواجهة عميقة وشاملة تحسم الخلافات حتى ينسجم التوجه في نهاية المطاف مع روح الثورة الأصلي ووجدان الشعب الذي تحرك من أجله. وصحيح إن المواجهة الحالية أقوى وأعمق من كل المواجهات السابقة لكن لا يمكن الجزم بأنها هي التي ستحسم الصراع وتنهي الضبابية.
ومن هنا فإننا حذرنا كثيرا من أن التغيير في بلادنا يجب أن يكون بقيادة وبمنهج وبرنامج حتى نتفادى هذه الضبابية ويتم قيادة المرحلة الانتقالية بكفاءة وانضباط.

الفائدة الثالثة: حتمية تدخل قوى الطغيان والظلم لصالح بقايا النظام  
الأنظمة التي تخاف من آثار ثورة مصر ومن القيادة الإسلامية النزيهة من الطبيعي أن تحارب الثورة وتسعى لإجهاضها سواء بمحاصرة النظام الذي أفرزته الثورة أو بدعم خصومه. وهذا أمر طبيعي يحصل لكل الثورات الشعبية فالثورة الفرنسية حوصرت وحوربت من قبل كل القوى الملكية في أوربا خوفا من أن تنتقل عدوى الثورة لها. وهذا ما فعله آل سعود وحكام الإمارات بتنسيق مع إسرائيل وأمريكا فقد حاصروا حكم مرسي بقطع المساعدات والنفط ودعموا خصوم مرسي بالمال والإعلام والتنسيق المباشر.
ونصيحة لأنفسنا ولكل الساعين للتغيير في العالم العربي أن يضعوا كل الاحتياطات التي تمنع التدخلات الخارجية من إجهاض الثورة أو إعادة الظلمة والطغاة وأزلامهم
الفائدة الرابعة: تردد وضعف مرسي وفريقه ساهم في تمكين الخصوم
بعد مرحلة التخلص من طغيان طويل الأمد لا يصلح مراعاة أركان النظام السابق سواء كانت سياسية أو عسكرية أو أمنية أو قضائية أو إعلامية ولا سلامة للثورة إلا باجتثاثها.
والهدف من ذلك ليس حماية الحاكم الجديد ولا حكومته ووزرائه بل الهدف إنجاح الثورة بمرادها الاستراتيجي وإحداث تغيير حضاري كامل و تحول تاريخي في تفكير الشعب ورؤية المجتمع للدولة والسلطة. لكن مرسي وفريقه لم يدركوا ذلك وجاملوا الخصوم كثيرا بحجة أنهم يتعاملون مع ما يسمى الدولة العميقة فأعطوا الخصوم الفرصة الكاملة لأن يرتبوا صفوفهم ويستخدموا الإعلام والقضاء والأمن والجيش ضده وضد المخلصين للثورة.
ومن هنا فإننا في برنامجنا في المرحلة الانتقالية كنا واضحين أن لا مساومة في بقاء أي أثر للنظام السابق ولا بد من تطهير البلد من آثاره.