السبت، 13 أبريل 2013

د. سعد الفقيه حفظه الله عن التحرك الشعبي الشامل أو ما يسمى بالعمل الميداني


تحدثنا سابقا عن احتمالات التغيير بانفجار النظام من داخله أو بتحرك نخبوي والآن نتحدث عن التحرك الشعبي الشامل أو ما يسمى بالعمل الميداني

يحصل التحرك الشعبي بطريقتين، الأولى هي الاعتصامات والمظاهرات وما يشبهها من تجمعات، والثانية هي الإضرابات والعصيان المدني أوالعسكري

وأي تجمع (اعتصام أو مظاهرة) لا يكون ناجحا ما لم يتراكم أثره ويؤدي لتجمعات أكبر حتى ينتهي بتحقيق التغيير المنشود بإزالة النظام أو لي ذراعه

ولا يمكن أن يحصل تجمع معارض لنظام قمعي يمنع التجمعات إلا بتحقق أمرين: 1) ظروف توفر له أرضية النجاح. 2) ترتيب عملي مباشر يسمح بتحقيقه

والظروف المطلوبة هي توفر ما يكفي من الجاهزية لدى فئات وشرايح معينة من الشعب -على مستويات مختلفة- للتوطئة لهذا التحرك الشعبي

المستوى الأول هو شعور غالبية الشعب بالتململ من الظلم والفساد والاستبداد وإهانة الشعب ومن ثم التوق للكرامة والعدل والحرية (وهذا حصل)

المستوى الثاني وجود فئة كبيرة من الشعب -حتى لو لم تكن أغلبية- تشعر باليأس من الإصلاح من داخل النظام، ومؤمنة بضرورة التغيير (وهذا حصل)

المستوى الثالث وجود عدد أقل بكثير لكنهم مستعدون للتضحية من أجل هذا التغيير سواء قاموا بالمبادرة أو لم يقوموا وسواء تعرفوا عل بعضهم أو لا

وقد تحققت كل هذه المستويات في بلادنا فالتململ كبير والإصلاح من داخل النظام ميؤوس منه وهناك العدد الكافي من المستعدين للتضحية فما الذي بقي؟

بقي أن يتحول المستعدون للتضحية من أفراد متفرقين إلى ترتيب واحد يثقون ببعضهم ببعضا ويتحركون ككتلة واحدة حتى يجتمع بقية المترددين حولهم

ولا يمكن جمعمهم في كتلة واحدة وتحريكهم في تجمع إلا ببناء جسور ثقة وتهيئتهم بترتيب واضح للتوجه للتجمع ولدى كل منهم قناعة أنه لن يكون لوحده

هذه الكتلة التي تشكلت بعد بناء جسور الثقة هي النواة الأولى التي تواجه الصعوبات لإنجاح التجمع الأول ثم يلتف حولها المترددون فتكبر وتتنامى

لكن إنجاح التجمع لا يحصل فقط بتوفر الظروف وتكوين النواة، بل لا بد من ملائمة المكان والتاريخ والوقت والطريقة حتى يؤتي ثماره ويستقطب المترددين

أما المكان فأي تجمع لا يؤدي موقعه لشد الانتباه وإرباك الأوضاع فلن يعتبر ناجحا ولن يترك أثرا ولن يتسبب في تراكمات تصنع التغيير

وأفضل الأماكن التي تناسب التجمعات هي في التقاطعات والميادين المزدحمة أو مقابل الأماكن الحساسة التي يؤدي التجمع فيها لإرباك مروري وأمني شديد

ولذلك فإن التجمعات التي تحصل في أطراف المدن وفي القرى الصغيرة فحتى لو اجتمع فيها عشرات أضعاف ما يجتمع في وسط المدينة فلن تحدث الأثر المطلوب

أما التاريخ والوقت وأيام الأسبوع فهي كذلك اختيارات هامة يراعى فيها ازدحام الشوارع وحركة المرور والناس وملائمة الجو والقدرة على التصوير

وبعد اختيار المكان والتاريخ والوقت فلا بد إتقان الطريقة التي تعنى بتنسيق وصول الأعداد وخداع الجهاز الأمني والإمساك بزمام المبادرة ....الخ

ولا يمكن أن ينجح أي عمل ميداني إلا أن تكون رسالته واضحة وقوية ومفهومة من قبل المشاركين وكذلك من قبل المتابعين حتى يمكن ان ينضموا إليه

ولابد لأي تجمع من نوعين من القيادة الأولى تحريضية توجيهية تربط التحريض برسالة التحرك والثانية ميدانية لترتيب وتنظيم التجمع عمليا على الأرض

وكل تجمع يحتاج لحملة إعلامية قبله، ثم حملة إعلامية وقت حدوثه لتصويره وتغطيته، ثم حملة إعلامية لاستثماره بعد حدوثه للتهيئة للمرحلة التالية

في حالات نادرة مثل ما حصل في تونس إذا كان الغضب الشعبي عارما واستفزاز النظام للناس قويا تنطلق الثورة تلقائيا دون أن أي تنظيم أو ترتيب مسبق