الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

مجموعة من تغريدات د. سعد الفقيه حفظه الله عن الاتفاق الغربي الإيراني الأخير حقيقته ودلالاته وتداعياته

  د. سعد الفقيه @saadalfagih

كما وعدتكم هذه مجموعة من التغريدات عن الاتفاق الغربي الإيراني الأخير حقيقته ودلالاته وتداعياته

أولا: ليس في الاتفاق غرابة لكل من يعرف :-

 1)تفاصيل الاتفاق
2)طريقة التفكيرالإيرانية والغربية
 3)أوليات السياسة الإيرانية والغربية (الأمريكية)

تفاصيل الاتفاق: ليس الاتفاق إنهاء البرنامج النووي مقابل إلغاء الحصار، بل فقط إيقاف تطوير البرنامج لمدة 6 أشهر مقابل تخفيف بعض العقوبات

الحصيلة: تنازل محدود من الطرفين لم يحصل بموجبه لا وقف البرنامج النووي ولا إنهاء كل الحصار

التفكير الإيراني: إيران تجيد التفاوض والمساومة وتعرف كيف تكثر أدوات الرهان حتى يبدو التنازل في أحدها كأنه كبير فتنتزع ما تريد

أوليات إيران: سوريا أولوية قصوى لإيران وكان القرار لا بأس بتقديم تنازل بسيط في البرنامج النووي مقابل تحييد الغرب في القضية السورية

ثانيا: لا يعني الاتفاق :-

 1)تغيير في السياسة الأمريكية في المنطقة ولا
 2)تخلي عن الأنظمة الخليجية وخاصة السعودية ولا
3)تغيير سياستها في سوريا

السياسة الأمريكية في المنطقة عسكريا وأمنيا واقتصاديا وسياسيا بهيمنة كاملة لم تتغير مطلقا وآخر دليل تجريم كيري للإخوان وتزكيته للانقلاب

لم تقلل أمريكا من اعتمادها المصيري على الأنظمة الخليجية فضلا عن التخلي عنها ولا تزال تعتبر النظام السعودي ركنا أساسيا من أمنها القومي

لا يسوء الغرب فزعة إيران للنظام السوري بل يعتبرها مفيدة ضد الخطر الجهادي وإنما تظاهر الغرب بالعكس حتى ينتزع من الإيرانيين هذا التنازل

السؤال كيف تمكنت إيران من إلزام الغرب باحترامها وتفادي ضربها بينما ضرب العراق ثلاث مرات، مرة للمفاعل، ومرة لإخراجه من الكويت، ومرة لاحتلاله؟

الجواب لأن إيران بنت نفسها استراتيجيا بما يؤمنها إقليميا وعالميا ويجعلها مهيبة الجانب ويجبر أمريكا على الخوف من تداعيات أي ضربة لها

ولم يكن هذا البناء الاستراتيجي ممكنا لولا أن إيران دولة رسالية تأسست على خدمة هدف محدد وهو توسيع نفوذ التشيع الاثناعشري بمظلة فارسية

وحتى تبقى المهمة الرسالية على مر الزمن صاغت إيران دستورها بما يزاوج بين هيمنة المؤسسة الدينية الشيعية وانتخابات حقيقية للرئيس والبرلمان

وقد تشكل الدستور بحيث تنتهي مرجعية الاجهزة المنتخبة عند مجالس غير منتخبة أو مؤسسات يكون الانتماء للحوزة الدينية شرطا في التأهل للانتخاب

ومنذ وفاة الخميني رسمت إيران على يد الاستراتيجي الخطير رفسنجاني برنامجا متكاملا عسكري/سياسي/استخباراتي لتحويل إيران إلى دولة إقليمية عظمى
البرنامج العسكري :-

 1) إعداد قوات مسلحة ضخمة بتدريب رسالي
2)الحصول على السلاح الثقيل والتقنية من عدة مصادر
3)تطوير السلاح بتقنية إيرانية ذاتية

أعادت إيران تشكيل الجيش وأسست الحرس الثوري كقوة عقائدية مدربة لخدمة الثورة وخدمة المذهب بتدريب يكاد يفوق تدريب الجيوش الغربية

في التسليح كانت إيران بارعة في استغلال الفرص ومن أشهرها استحواذها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي على أكبر قطع الأسلحة الممكنة وخاصة الغواصات

في التطوير الذاتي تمكنت إيران من تطوير الصواريخ والطائرات (بطيار ودون طيار) والزوارق والغواصات والآليات البرية والأسلحة الفردية بتصنيع محلي

وبهذا التشكيل العسكري المتكامل أصبحت إيران قوة إقليمية خطيرة لديها القدرة على الدفاع عن نفسها وفي نفس الوقت القدرة على الهجوم وإيذاء الخصم

البرنامج السياسي الإيراني تمثل في :-
 1)تخفيف التوتر مع دول الخليج
 2)الارتباط بنيويا بروسيا والصين
 3)الحضور القوي في لبنان وسوريا

الخليج: تظاهرت إيران بالتقارب مع دول الخليج وضغطت على الطوائف الشيعية للتخلي عن المعارضة والتفاهم مع الحكومات فثبتت موطيء قدم قوي داخل الدول

روسيا والصين: وثقت إيران علاقتها استراتيجيا بروسيا والصين وجعلتها علاقة بنيوية ضمنت فيها حماية الدولتين لإيران في مجلس الأمن في أي وقت تريد

سوريا ولبنان: وثقت إيران علاقتها بسوريا بطريقة مصيرية وأسست حزب الله كذراع عسكري بعيد حتى تحول إلى أقوى تنظيم عسكري في المنطقة العربية

استخباراتيا :
 1) تخلصت إيران من صدام و
2) سيطرت بالكامل على العراق بعد الاحتلال و
3) جندت جزءا من الطوائف الشيعية في الخليج للضغط على الحكومات

صدام: استدرجت إيران أمريكا عن طريق المعارضة الشيعية العراقية لاحتلال العراق فتخلصت من أخطر عقبة حقيقة أمام توسعها وهو صدام

بعد احتلال العراق: نفذت إيران مشروعا استغفلت فيه أمريكا كانت نهايته سقوط العراق بالكامل بيد إيران رغم أنف أمريكا وعلى حساب دول دول الخليج

تجنيد الشيعة: بعد استغفالها لحكام الخليج اخترقت إيران الطوائف الشيعية وتمكنت من تجنيد وتدريب عدد كبير منهم وتجهيزهم للتحرك عند الحاجة

وأتى البرنامج النووي فوق كل هذا التمكين فأصبح هذا التوسع السياسي والاستخباراتي والعسكري وسيلة حماية لإنجاحه ولم تكن ثورة سوريا في الحسبان


بل كانت كل خطط إيران مبنية على أساس بقاء الأنظمة العربية الخائنة العميلة الضعيفة وخاصة أنظمة الخليج ولم تتوقع تحركا للشعوب يربك المعادلة

ورغم تظاهر إيران بالترحيب بالربيع العربي فقد كانت مثل إسرائيل من أكثر الدول تخوفا منه وتضايقا من انتشاره بسبب تغييره للمعادلة بالكامل

وصدقت توقعات إيران فقد ثبت أن المجاهدين السنة أخطر عليها من كل الأنظمة العربية بل إن الأنظمة مفيدة كونها تقمع شعوبها لصالح التمدد الإيراني

وحين وصلت الثورة لسوريا كان القرار الاستراتيجي الإيراني أن المحافظة على نظام سوريا أولوية على كل شي حتى الاقتصاد الإيراني الداخلي والنووي

ولذا اندفعت بكل مقدارتها لحماية النظام السوري وكلفت حزب الله والمليشيات العراقية بدعم النظام السوري واستغلت علاقاتها مع الصين وروسيا لحمايته

ولكن الحرب أرهقت إيران واستنزفتها وهي تحت الحصار بسبب النووي ولا يمكن أن تستمر في دعم النظام السوري مع هذا الحصار فكان لا بد من مخرج

ومن هنا استخدمت إيران البرنامج النووي كأداة تفاوض وقدمت هذا التنازل المحدود جدا في سبيل تخفيف الحصار حتى تتمكن من تمويل الحرب بكل فاعلية

هذا إضافة إلى أن الغرب هدد (وهو كاذب) بأنه سيدعم الثورة السورية بالسلاح المتطور إن لم تقدم إيران تنازلا في برنامجها النووي

ونقول إن الغرب كاذب لأن حقيقة الموقف الغربي هو الارتياح بأن إيران وفرت عليه مواجهة الخطر الجهادي لكنه يكذب حتى يضغط على إيران

الخلاصة أن لا تغيير في السياسيات لا من جانب الغرب ولا من جانب إيران بل كل طرف يجتهد في "التخابث" على الآخر وانتزاع التنازلات

ولا تغيير في علاقة أمريكا مع السعودية وسيبقى اعتماد السعوديين على الأمريكان في الحماية واعتماد الأمريكان على السعوديين في تحقيق مصالحهم