الأربعاء، 24 أبريل 2013

مذكرة قانونية حول الاعتصامات


تعقيبا على ما ذكره المتحدث الرسمي باسم شرطة القصيم حول اعتصامات النساء ، ثم اعتصامات الرجال ، وما يحدث في الوقت الحاضر من اعتصامات ومسيرات سلمية وموقف الأمن منهم حيث يتم اعتقالهم ..
وردا على ما نشرته الصحف من عناوين غير مهنية وارفاق صور مضللة عن ما حدث ، وتعليقا على بعض الأحكام القضائية التي قضت بتجريم التجمهر والاعتصامات رغم سلميتها .. حول كل ذلك ، وانطلاقا من حبنا لهذا الوطن الذي نطمح أن يكون وطن الحقوق ودولة العدل والمؤسسات وأن تكون السيادة فيه للشرع وما لا يتعارض معه من أنظمة ، وإيمانا منا أن حب الوطن والإخلاص له يقتضي الوقوف ضد الظلم والتضحية من أجل ذلك ، وأن هذه المواقف هي ضمانة الاستقرار والأمن والحفاظ على هذه الوحدة التي من الله بها علينا ، وحيث أن الثابت أن المعتصمين يتمسكون بالسلمية ، وان هذه السلمية هي ضمانة حقوقهم النظامية والدولية  كحق من حقوق الإنسان ، لأننا نعتقد أن الموقف النظامي لهؤلاء المعتقلين المسالمين صحيح من الناحية النظامية ويتفق مع النظام في المملكة خلافا لما يتصدر واجهات الصحف من عناوين ، وأن ما تقوم به الأجهزة الأمنية حاليا لا يتفق مع ما كفله النظام في المملكة للمواطن من حقوق وذلك وفقا لهذه المذكرة :-  
الحق في الاجتماعات والاعتصامات والمظاهرات السلمية في المملكة :-
فرق النظام في المملكة بين نوعين من التجمهر :-
الأول :- التجمهر ، أو التظاهر العدواني أو التمرد الذي يحدث من خمسة أشخاص فأكثر ويعرض الأمن العام للخطر .
الثاني :- حرية الاجتماع والتجمع بصورة سلمية .
عن النوع الأول وهو العدوانية والتمرد فقد نصت المادة  (7) الفقرة - ثالثا - من نظَام قوات الأمن الداخلي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / 30) والتاريخ 4/12/1384هـ على أنه ( لرجال قوات الأمن الداخلي حق استعمال السلاح في الأحوال الآتية :-  أولا ، ثانيا ..
ثالثاً : لفض التجمهر، أو التظاهر العدواني - الذي يحدث من خمسة أشخاص فأكثر إذا عرَّض الأمن العام للخطر، وذلك بعد إنذاره للمتجمهرين بالتفريق، ويصدر الأمر باستعمال السلاح في هذه الحالة من رئيس تجب طاعته.
ويُراعى في جميع الأحوال السابقة أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأغراض السالفة الذكر.
ويبدأ رجل قوات الأمن الداخلي بالإنذار بأنه سيطلق النار ثم يلجأ بعد ذلك إلى إطلاق النار في الهواء - فإذا لم يتفرق المتمردون، أو يستسلم المطارد فيكون إطلاق النار على الساقين.
وتعين بقرار من وزير الداخلية الوسائل التي يمكن استخدامها في جميع الحالات قبل إطلاق النار ، وكيفية توجيه الإنذار".
أما عن النوع الثاني وهو التجمهر المتسم بالسلمية الذي قام به المعتقلون  والذي يخلو من أي عمل عدواني تجاه الممتلكات العامة أو الخاصة فهو :-
1-    محكوم بقواعد الشرع انطلاقا من أصل الإباحة ، وقواعد الحلال والحرام في الشريعة ، وأن الوسائل لها حكم المقاصد ، ولم يكن قصد هؤلاء المعتصمين سوى تطبيق النظام بحق ذويهم ، وأن التحريم ثم التجريم ثم القضاء بتعزير المخالف يحتاج إلى أسانيد قطعية تبرأ بها الذمم ويقتنع بها المحكوم عليه والمجتمع ...
2-    ومن الناحية النظامية فالمملكة صدقت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي وافق عليه مجلس جامعة الدول العربية في قمته المنعقدة في تونس في العام 2044 م ثم صدر المرسوم الملكي الرقم: م/ 19 التاريخ: 27/3/1430هـ بالموافقة عليه ، وبذلك أخذ حكم النظام ، وأصبح واجب التطبيق وملزم للقضاء والجهات الأمنية وغيرها وكأنه نظام داخلي ، كما أنه صادر عن مجلس جامعة الدول العربية المدعومة من الأمم المتحدة ، وقد نص هذا الميثاق على أحكام عديدة لها صلة مباشرة بما يحدث اليوم في المملكة ومنها ما يلي :- نصت المادة الرابعة والعشرون الفقرة(6) والفقرة (7) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أنه " لكل مواطن الحق في: حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية. 7- لا يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأي قيود غير القيود المفروضة طبقاً للقانون، والتي تقتضيها الضرورة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان، لصيانة الأمن الوطني أو النظام العام أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم.
وعلى هذا الأساس فإن معيار التفريق بين الاعتصامات والمظاهرات ما إذا اتسمت هذه الاعتصامات أو المظاهرات بالـ ( العدوانية والتمرد ) أو ( السلمية ) ..

3- ثم وفي 1/4/ 1432هـ صدرت نصيحة من هيئة كبار العلماء في المملكة حول التمسك بالبيعة والمحافظة على الجماعة .. وفي نهاية هذه النصيحة أكدوا على حرمة المظاهرات وفقا لاجتهادهم ، ومع احترامنا لهؤلاء العلماء إلا أن هذه النصيحة التي جاءت في سياق أحداث عربية معروفة مبنية على مقدمات تختلف كليا عن مطالب المعتصمين بالإفراج عن ذويهم تطبيقا للنظام ، ومع أن هذه النصيحة ليست ملزمة شرعا ولا نظاما فإنها تحمل على قاعدة الوسائل لها حكم المقاصد ، وكل ما قصده هؤلاء المعتصمون هو الإفراج عن ذويهم فحسب ..

على أساس ما سبق فإن :-

1-    النظام في المملكة يسمح بالاعتصامات والتجمعات السلمية .
2-    أن الأحكام التي صدرت على المعتصمين بالسجن والجلد مخالفة لنظام المملكة .
3-    أن تأسيس هذه الأحكام على نصيحة كبار العلماء المؤرخة في 1/4/1432هـ لا يصح شرعا لأن النصائح في درجة أقل من الفتوى وفي كلا الحالتين لا يجوز شرعا الإلزام بالفتوى فما بالك بالنصيحة .  
المحامي :عبدالله محمد الناصري